حكم المشاركة في المسابقات التي تُنشر في التلفاز و الجرائد
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حكم المشاركة في المسابقات التي تُنشر في التلفاز و الجرائد
السـؤال:
تقوم بعضُ المؤسَّسات الإعلامية بإجراء مسابقات موسمية يحصل فيها الفائزُ على نفقةٍ كاملةٍ لحج أو عمرة، فما حكم المشاركة فيها مع العلم أنَّ الأسئلة المطروحة قد تكون متعلِّقةً بالأفلام أو الألعاب الرياضية أو الموسيقى ونحوها؟
وما حكم حجّ أو اعتمار الفائز في تلك المسابقات بمثل هذه الجائزة؟
وهل ينطبق الحكم على جميع المسابقات التي تكون في أنواع العلوم: كالعلوم الشرعية والعلوم الكونية ونحو ذلك؟ نريد تفصيلاً جزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فينبغي التفريق بين المسابقات الدِّينية ذات الجوائز المالية من ولاة الأمور أو جمعيات خيرية أو من المحسنين، وبين المسابقات التي تنشرها المؤسَّسات الإعلامية، فإنّ الصورة الأولى للمسابقات منتظَمَةٌ وَفق مقصود الشارع من إعداد العُدَّة الإيمانية: من حفظ القرآن والسُّنَّة، وتحصيلِ المسائلِ العلميةِ الشرعيةِ، وهي مُلحقةٌ بالمسابقات التي حدَّدَها النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بقوله:«لاَ سَبَقَ إلاَّ في خُفٍّ أوْ حَافِرٍ أوْ نَصْلٍ»(١)، أي: ركوب الخيل والإبل والرماية، وكلُّ ما فيه من إعداد للعُدَّة المادية من وسائل الجهاد في سبيل الله في تقوية شوكةِ المسلمين، فيصحُّ السَّبَقُ في هذه المسابقات، إذ كِلاَ العُدَّتين من مطالب الشرعِ ومقاصدِه؛ لأنّها وسائلُ لغايةٍ شرعيةٍ، و«الوَسَائِلُ لَهَا حُكْمُ المَقَاصِدِ».
لذلك فالجوائز المباحة الممنوحة من المتبرِّعين لمصلحة الفائزين تحقيقًا لهذا المبتغى يجوز الانتفاع بها مُطلقًا سواء في حجٍّ أو عمرةٍ أو غيرهما من غير حَرَجٍ.
أمّا المسابقات التي تنشرها المؤسَّسات الإعلامية: من جرائدَ وصُحُفٍ ومَجلاَّت ونحوها، فلا تجوز المشاركة فيها؛ لأنّها تتضمَّن المقامرة والميسر، إذ المشارك يدفع مالاً ولو زهيدًا لشراء الوسيلة الإعلامية، في حين أنّ المؤسَّسة الإعلامية تحصل بترويج المسابقات على زيادة كسبٍ، وفضلِ دخلٍ متولِّدٍ عنها.
ومن جهة أخرى لا يتحقَّقُ بها مقصود الشارع بل بالعكس تضادُّه، حيث تتبلور من خلال جريان المسابقات آثارُ الخلاعة والعري والسفور، ومظاهرُ الفتنة بترويج الأفلام، ونشر المعازف والموسيقى، وغيرها من الأخلاق المنافية لديننا الحنيف، وإن وُجِدَ السَّليم منها فمغمورٌ في وسطٍ فاسدٍ، وكأنَّ إرادةً مفروضة تعمل بواسطة هذه الوسيلة الإعلامية لتحطيم القيم الإسلامية، واستبدالها بدناءة قيم الحضارة الغربية لفصل الدِّين عن حياة المجتمع تحت تأثير العِلمانية التي يشهدها العالم الإسلامي اليوم، وبغفلة المغرورين من بني جِلدتنا.
هذا، ولَمَّا كانت «الوسائلُ لَهَا حُكْمُ المَقَاصِدِ» فإنَّ الجوائز المعطاة بهذه الكيفية لا يجوز الانتفاع بها للجهتين السابقتين، فمن حصل على الجوائز بعد العلم بالتحريم فالواجب أن يتصدَّق بها أو يُنفق ثمنَها في وجوه البِرِّ؛ ذلك لأنَّ من شَرْطِ التوبةِ التخلصَ من المال الحرام، غيرَ أنَّ من حَجَّ بِهذا المال فإنَّ حَجَّهُ صحيحٌ على أرجحِ قَوْلَي العلماء، وتسقط به الفريضةُ، ولا تُشغَلُ به ذِمَّتُهُ، وهو آثمٌ بفعلِ الحرام، لانفكاك جهة الأمر عن جهة النهي، ولا أجرَ له على حَجِّهِ، لقوله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: 197]، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّـبًا»(٢)؛ أمّا قبل العلم بتحريمها فلا يلحقُه إثمٌ لكونه معذورًا بالجهل، مِصداقًا لقوله تعالى: ﴿فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ﴾ [البقرة: 275].
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 14 شعبان 1428ﻫ
الموافـق ﻟ: 27 أوت 2007م
http://www.ferkous.com/rep/Bh32.php
١- أخرجه أبو داود في «الجهاد»، باب في السبق:(2574)، والترمذي في «الجهاد»، باب ما جاء في الرهان والسبق: (1700)، والنسائي في كتاب «الخيل»، باب السبق: (3585)، وابن ماجه في «الجهاد»، باب السبق والرهان: (2878)، وابن حبان: (1638)،وأحمد: (9788)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث حسنه البغوي في «شرح السنة»: (535/5)، وصححه ابن القطان في «الوهم والإيهام»: (5/382)، وأحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (13/232)، والألباني في «الإرواء»: (1506)، والوادعي في «الصحيح المسند»: (1408).
٢- أخرجه مسلم: كتاب «الزكاة» باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها. رقم: (2346)، والترمذي في «تفسير القرآن»، (2989)، وأحمد: (8148)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
تقوم بعضُ المؤسَّسات الإعلامية بإجراء مسابقات موسمية يحصل فيها الفائزُ على نفقةٍ كاملةٍ لحج أو عمرة، فما حكم المشاركة فيها مع العلم أنَّ الأسئلة المطروحة قد تكون متعلِّقةً بالأفلام أو الألعاب الرياضية أو الموسيقى ونحوها؟
وما حكم حجّ أو اعتمار الفائز في تلك المسابقات بمثل هذه الجائزة؟
وهل ينطبق الحكم على جميع المسابقات التي تكون في أنواع العلوم: كالعلوم الشرعية والعلوم الكونية ونحو ذلك؟ نريد تفصيلاً جزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فينبغي التفريق بين المسابقات الدِّينية ذات الجوائز المالية من ولاة الأمور أو جمعيات خيرية أو من المحسنين، وبين المسابقات التي تنشرها المؤسَّسات الإعلامية، فإنّ الصورة الأولى للمسابقات منتظَمَةٌ وَفق مقصود الشارع من إعداد العُدَّة الإيمانية: من حفظ القرآن والسُّنَّة، وتحصيلِ المسائلِ العلميةِ الشرعيةِ، وهي مُلحقةٌ بالمسابقات التي حدَّدَها النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بقوله:«لاَ سَبَقَ إلاَّ في خُفٍّ أوْ حَافِرٍ أوْ نَصْلٍ»(١)، أي: ركوب الخيل والإبل والرماية، وكلُّ ما فيه من إعداد للعُدَّة المادية من وسائل الجهاد في سبيل الله في تقوية شوكةِ المسلمين، فيصحُّ السَّبَقُ في هذه المسابقات، إذ كِلاَ العُدَّتين من مطالب الشرعِ ومقاصدِه؛ لأنّها وسائلُ لغايةٍ شرعيةٍ، و«الوَسَائِلُ لَهَا حُكْمُ المَقَاصِدِ».
لذلك فالجوائز المباحة الممنوحة من المتبرِّعين لمصلحة الفائزين تحقيقًا لهذا المبتغى يجوز الانتفاع بها مُطلقًا سواء في حجٍّ أو عمرةٍ أو غيرهما من غير حَرَجٍ.
أمّا المسابقات التي تنشرها المؤسَّسات الإعلامية: من جرائدَ وصُحُفٍ ومَجلاَّت ونحوها، فلا تجوز المشاركة فيها؛ لأنّها تتضمَّن المقامرة والميسر، إذ المشارك يدفع مالاً ولو زهيدًا لشراء الوسيلة الإعلامية، في حين أنّ المؤسَّسة الإعلامية تحصل بترويج المسابقات على زيادة كسبٍ، وفضلِ دخلٍ متولِّدٍ عنها.
ومن جهة أخرى لا يتحقَّقُ بها مقصود الشارع بل بالعكس تضادُّه، حيث تتبلور من خلال جريان المسابقات آثارُ الخلاعة والعري والسفور، ومظاهرُ الفتنة بترويج الأفلام، ونشر المعازف والموسيقى، وغيرها من الأخلاق المنافية لديننا الحنيف، وإن وُجِدَ السَّليم منها فمغمورٌ في وسطٍ فاسدٍ، وكأنَّ إرادةً مفروضة تعمل بواسطة هذه الوسيلة الإعلامية لتحطيم القيم الإسلامية، واستبدالها بدناءة قيم الحضارة الغربية لفصل الدِّين عن حياة المجتمع تحت تأثير العِلمانية التي يشهدها العالم الإسلامي اليوم، وبغفلة المغرورين من بني جِلدتنا.
هذا، ولَمَّا كانت «الوسائلُ لَهَا حُكْمُ المَقَاصِدِ» فإنَّ الجوائز المعطاة بهذه الكيفية لا يجوز الانتفاع بها للجهتين السابقتين، فمن حصل على الجوائز بعد العلم بالتحريم فالواجب أن يتصدَّق بها أو يُنفق ثمنَها في وجوه البِرِّ؛ ذلك لأنَّ من شَرْطِ التوبةِ التخلصَ من المال الحرام، غيرَ أنَّ من حَجَّ بِهذا المال فإنَّ حَجَّهُ صحيحٌ على أرجحِ قَوْلَي العلماء، وتسقط به الفريضةُ، ولا تُشغَلُ به ذِمَّتُهُ، وهو آثمٌ بفعلِ الحرام، لانفكاك جهة الأمر عن جهة النهي، ولا أجرَ له على حَجِّهِ، لقوله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: 197]، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّـبًا»(٢)؛ أمّا قبل العلم بتحريمها فلا يلحقُه إثمٌ لكونه معذورًا بالجهل، مِصداقًا لقوله تعالى: ﴿فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ﴾ [البقرة: 275].
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 14 شعبان 1428ﻫ
الموافـق ﻟ: 27 أوت 2007م
http://www.ferkous.com/rep/Bh32.php
١- أخرجه أبو داود في «الجهاد»، باب في السبق:(2574)، والترمذي في «الجهاد»، باب ما جاء في الرهان والسبق: (1700)، والنسائي في كتاب «الخيل»، باب السبق: (3585)، وابن ماجه في «الجهاد»، باب السبق والرهان: (2878)، وابن حبان: (1638)،وأحمد: (9788)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث حسنه البغوي في «شرح السنة»: (535/5)، وصححه ابن القطان في «الوهم والإيهام»: (5/382)، وأحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (13/232)، والألباني في «الإرواء»: (1506)، والوادعي في «الصحيح المسند»: (1408).
٢- أخرجه مسلم: كتاب «الزكاة» باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها. رقم: (2346)، والترمذي في «تفسير القرآن»، (2989)، وأحمد: (8148)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ناصرالعربي- المراقب العام
- عدد الرسائل : 1100
العمر : 44
البلد/المدينة : عين الحجل
المزاج : الحمد لله في نعمه
رقم العضوية : 3
الأوسمة :
نقاط النشاط : 6581
تاريخ التسجيل : 07/02/2008
رد: حكم المشاركة في المسابقات التي تُنشر في التلفاز و الجرائد
بارك الله فيك ، لقد كثرت هذه المسابقات
ربنا يستر
ربنا يستر
salma- عضو متألق
- عدد الرسائل : 102
العمر : 42
البلد/المدينة : أم الدنيا/مصر
الأوسمة :
نقاط النشاط : 6151
تاريخ التسجيل : 20/03/2008
رد: حكم المشاركة في المسابقات التي تُنشر في التلفاز و الجرائد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا مشرفنا ناصر العربي ، أرجوا ان يتم إثراء المنتدى دائما بالمواضيع التي تواكب ما يستجد على المسلم من نوازل هذا العصر وتبيين أقوال العلماء الربانيين فيها.
جزاك الله خيرا مشرفنا ناصر العربي ، أرجوا ان يتم إثراء المنتدى دائما بالمواضيع التي تواكب ما يستجد على المسلم من نوازل هذا العصر وتبيين أقوال العلماء الربانيين فيها.
المشتاق إلى الجنة- عضو نشط
- عدد الرسائل : 27
العمر : 47
البلد/المدينة : عين الحجل
نقاط النشاط : 6097
تاريخ التسجيل : 05/03/2008
رد: حكم المشاركة في المسابقات التي تُنشر في التلفاز و الجرائد
اخي المشتاق الى الجنه اختى الفاضله سلمى اشكركم على المرور
ناصرالعربي- المراقب العام
- عدد الرسائل : 1100
العمر : 44
البلد/المدينة : عين الحجل
المزاج : الحمد لله في نعمه
رقم العضوية : 3
الأوسمة :
نقاط النشاط : 6581
تاريخ التسجيل : 07/02/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى